السبت، 4 فبراير 2017

المسلسلات العربية المشتركة : ظاهرة تستحق البحث والدراسة


 انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة إنتاج مسلسلات يؤدي أدوارها ممثلون ينتمون إلى جنسيات عربية مختلفة مثل مسلسل الأخوة ، ومسلسل سالفة عمران ومسلسلات أخرى كثيرة، وقد كانت هذه الظاهرة محصورة في الماضي على المسلسلات التاريخية على اعتبار أن المسلسل التاريخي يناقش قضية إسلامية أو عربية مشتركة، وتّستخدم اللغة العربية الفصيحة في تأدية أدوار المسلسل ما يجعل المشاهد غير قادر على تمييز الاختلافات بين الممثلين من لهجاتهم، أما الآن فأمتدت الظاهرة لتشمل إنتاج مسلسلات تعالج قضايا محلية واجتماعية ويتحدث الممثلون فيها بلهجاتهم المحلية .
 قد تكون هنالك بعض الأسباب التي تستدعي الجمع بين أكثر من لهجة في المسلسل ، منها على سبيل المثال أن المسلسل يعالج قضية عربية مشتركة ، أو ظاهرة اجتماعية موجودة في معظم الأقطار العربية، أو الترويج لثقافة عربية موحدة، أو استفادة الممثلين من تجارب بعضهم البعض ، وقد يكون السبب الأهم من ذلك سبب تجاري وهو اكساب المسلسل طابعا جماهيرا أكبر بحيث يتم مشاهدته في معظم البلدان التي يشارك ممثلون منها في أداء أدوار المسلسل .
 وثمة بعض الإشكاليات التي يمكن أن تواجه الإنتاج الدرامي المشترك (متعدد اللهجات)، منها ما يتعلق بكتابة النص الدرامي ، هل يتم كتابته باللهجة العربية الأكثر شيوعا أم يتم كتابته بالعربية الفصيحة ويُترك لكل ممثل الحرية في تحويل النص المكتوب إلى لهجته المحلية ، ومنها ما يتعلق باختلاف بيئة الممثلين والذي قد يؤثر على تناغم فريق التمثيل خصوصا وأن الدراما مرآة المجتمع ويٌفترض أن تعكس تفاصيل دقيقة في اللهجة وأسلوب الحياة ما يجعل الممثل بحاجة للتعرف على تفاصيل دقيقة في لهجة وبيئة الممثل الأخر ، ولكن المعرفة أحيانا لا تكفي لأن التمثيل ممارسة ، وقد لا يستحضر الممثل أثناء تأدية الدور بعض التفاصيل التي أطلع عليها مثلما يستحضر تلقائيا بعض الأشياء التي مارسها .
 وثمة اشكاليات أخرى قد تواجه المتلقي مثل معرفته العميقة بفك شفرات بعض اللهجات وقلة معرفته في فهم لهجات أخرى مستخدمة في المسلسل ، أو اندماجه مع قضية محددة ضمن المسلسل تلامس بيئته ، وعزوفه عن متابعة قضية أخرى في نفس المسلسل قد تبدو غير جاذبة ومهمة من وجهة نظره ، لكنها مهمة من وجهة نظر مشاهد عربي أخر .
وبشكل عام فإن هذه الظاهرة  من وجهة نظري ظاهرة صحية تعمق الروابط العربية وتكسر حاجز المحلية وتتيح التعرف على تجارب جديدة على مستوى الممثلين وعلى مستوى المشاهدين ، وحتى يتم تلافي العديد من الإشكاليات ثمة حاجة إلى إجراء دراسات متعمقة على مستوى القائم بالاتصال من ممثلين ومخرجين وسيناريست وعلى مستوى المشاهد ؛ من أجل تطوير هذه المسلسلات من حيث الفكرة والإخراج والسيناريو لتصبح أكثر جماهيرية وأكثر فائدة وخدمة للثقافة العربية ، ويُفضل إلى جانب ذلك إنشاء جامعة عربية للدراما ، تُدرس فيها الثقافة واللهجات المحلية للأقطار العربية ، وتهتم بتخريج كوادر قادرة على التعامل مع كل البيئات العربية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الآن كتاب العلاقات العامة والاتصال التفاعلي عبر المواقع الإلكترونية والاجتماعية متوفر نسخة كاملة pdf

 للتحميل أضغط الرابط الأتي  https://drive.google.com/file/d/1gk3njxw_fuYH1T5e48wBtRbeZvDYHK_F/view?usp=sharing